يوميات حُسنى

حُسنى تسأل: لماذا اختبأت أمّي في الحمّام؟

استيقظت حُسنى متعبة، كأن الليل لم يمنحها حقّها الكامل منه. لم يعد النوم الآن خيارًا يمكن اقتناصه، حتى لو توسّلت إليه بمنحها دقائق إضافية.

كانت الشمس قد تسلّلت بشعاع استقرّ على جفنيها.

اليوم طويل، طويل أكثر مما تحتمل: عمل، مديرها المتسلّط، ثم مدرسة، واجبات، أنشطة، رياضات، وأسئلة لا تنتهي.

وقبل كل ذلك، تحتاج إلى شيء واحد فقط.

فنجان قهوة. لا أكثر.

قهوة تُشرب بهدوء.

من دون صوت.

من دون مقاطعة.

أعدّت قهوتها، وحين بدأت رائحتها تتسلّل إلى رأسها، شعرت أن وعيها يستيقظ أخيرًا.

حملت الفنجان معها، وانسحبت بخفّة، قبل أن يسألها أحد: إلى أين تذهبين وفنجانك بيدك؟

ماذا ستخبرهم؟

أنها تريد فقط أن تشربه بهدوء؟

ومن سيفهم رغبة كهذه؟

في الحمّام، وضعت فنجانها على سلّة الغسيل.

وهناك، رأت شيئًا آخر.

دخانًا كثيفًا، ودوائر رمادية تتشكّل أمام عينيها.

هي لا تدخّن، بل طوال حياتها كرهت رائحة الدخان.

ومع ذلك، كانت الصورة واضحة، ثم تلاشت سريعًا، كما تأتي الذكريات المفاجئة.

ارتشفت قهوتها ببطء.

الهدوء الذي طلبته لم يكن كاملًا؛ فالأصوات، وعراك الأولاد، ما زالا يصلان من الخارج، لكن هذا كان استحقاقًا صغيرًا قرّرت ألا تتنازل عنه.

في تلك اللحظة فقط، فهمت.

تذكّرت أمّها.

كل صباح، وسيجارتها بيدها، وتسلّلها السريع إلى الحمّام.

كم ألحّت عليها بالسؤال وهي صغيرة:

لماذا تأخذين سيجارتك معك إلى الحمّام؟

لم تعرف الجواب حينها.

ضحكت.

عرفته الآن.